jeudi 7 avril 2011

الهامشيّة


الحبيب العايب، باحث تونسيّ في مجال الجغرافيا الاجتماعيّة والسّياسيّة، يعمل بمركز الدّراسات الاجتماعيّة بالجامعة الأمريكيّة بالقاهرة، ويشرف على بحث حول موضوع الهامشيّات. كان لنا معه هذا الحوار الذي ننشره ضمن ملفّنا الحالي.
ما هو تعريفك للهامشيّة وللحدّ الفاصل بينها وبين "المركز"؟
هناك التباس كبير في المفهوم الذي تعبّر عنه كلمة "الهامشيّة"، لأنّه مفهوم معرّف بصفات مختلفة طبقا للمعارف المختلفة المهتمة به، وطبقا للانتماء الشّخصيّ لمن يعرّفه أو للذّات العارفة. هناك تعريفات أساسيّة متّفق عليها، وهي تكاد تكون تعريفات لغويّة معجميّة. أين يوجد الهامش؟ يوجد خارج المركز، فمقابل الهامش هناك المركز. ففكرة الهامش بلا مركز لا معنى لها، أي أنّ المهمّش لا يمكن أن يكون مهمّشا في حدّ ذاته، بل بالنّسبة إلى حالة أو وضع مركزيّ. يمكن أن نتحدّث عن قرية أو منطقة أو بلد مهمّش مثلا. ويمكن أن نتحدّث عن فئات مهمّشة في مكان محدّد. وتهميش المكان قد يرتبط بتهميش فئات اجتماعيّة، كما هو الشّأن بالنّسبة إلى الأحياء أو الشّوارع الفقيرة، أو الشّوارع التي نجد فيها أنشطة يرفضها المجتمع.
وفي هذا الصّدد يمكن أن نأخذ مثالا معروفا اشتغل عليه بعض الكتّاب العرب مثل المؤرّخ التّونسيّ عبد الحميد الأرقش : الشّوارع التي توجد فيها أنشطة تتعلّق بالجنس تتحوّل إلى شوارع منبوذة، وإذن مهمّشة، لأنّ الممارسة غير مقبولة. ليست هذه الشّوارع أفقر من غيرها، بل إنّ الممارسة فيها غير "عاديّة". إذن هناك حدّان فاصلان بين المهمّش وغير المهمّش : حدّ فاصل جغرافيّ مكانيّ، وحدّ فاصل آخر يعرّف معياريّا. إذا قررّ المجتمع معايير معيّنة، فإنّ كلّ من لا يطبّقها يوصمونstigmatisation بأنّ ممارساتهم غير عاديّة.
وهناك حدّ فاصل ثالث يرتبط بالأصل، الأصل الفضائيّ أو القبليّ أو الدّينيّ أو الإثنيّ… المثال الأكثر شهرة هو حالة "المنبوذين" في الهند. هذه الهامشيّة لا تتعلّق في حدّ ذاتها بالفقر أو الغنى، لكنّها قد تكون منتجة لفقر جماعيّ. أحد الرّؤساء السّابقين في الهند مثلا كان ينتمي إلى صنف المنبوذين. مثال هذا الرّئيس الهنديّ ومثال الرّئيس الأمريكيّ أوباما، يبيّنان أنّ التّهميش الجماعيّ المرتبط بعدم الوصول إلى الموارد لا يستثني وصول بعض الأفراد من المجموعات المهمّشة إلى وضعيّات مميّزة، رغم أنّ هؤلاء الأفراد ينحدرون من المجموعات المهمّشة. فالهامشيّة يمكن أن توفّر لبعض الأفراد فرص نجاح قد لا تتحقّق لهم خارج هذه المجموعة المهمّشة. وهذا ما يجعل المفهوم أكثر تعقّدا.
الحدّ الفاصل الرّابع هو التّهميش على أساس اجتماعيّ اقتصاديّ. وهذا الحدّ مرتبط مباشرة بوصول أو عدم وصول الأفراد أو المجموعات إلى الموارد الاقتصاديّة، وهنا تظهر فئات العاطلين عن العمل، وكلّ من لا يصلون إلى الموارد : أي التّعليم والصّحّة والسّكن، والأرض للفلاّحين ومياه الشّرب إلخ. وهذه هي الفئة الهامشيّة الوحيدة التي يمكن إخضاعها إلى مقولة الكمّ، وقيسها، مع هامش خطإ محدود نسبيّا.
ألا تخضع فئات مهمّشة أخرى إلى القياس، كالعاملات الجنسيّات مثلا؟
لا، لحسن الحظّ. لا يمكن أن نحصي الأشخاص الذّكور أو الإناث الذين يتعاطون ممارسات يمكن نعتبرها عادة داخلة في باب "البغاء". لا سيّما أن النّساء اللاتي يتعاطين هذا العمل هنّ وحدهنّ من يعتبرن عاملات جنسيّات. يوجد رجال يتعاطون هذه الممارسة، لكن كلمة "مومس" لا تنطبق إلا على النّساء. عندما تتعاطى امرأة البغاء، فإنّ "الشّرف" الشّخصيّ أو العائليّ يؤذى، وعندما يتعاطى الرّجل البغاء، فإن الفكرة تعني انهيار المجتمع بأكمله حسب التّصوّر الّسائد. وإذا وسّعنا من مفهوم البغاء، فقد نفاجأ بأنّ الرّجال أكثر تعاطيا له. يمكن مثلا للرّجل أن يمارس الجنس مع امرأة من أجل تحقيق مصلحة. لكنّ هذا الرّجل لا يعتبر "مومسا"، بل "شاطرا" (حاذقا). أمّا المرأة التي تفعل هذا فقد تعدّ مومسا. وهنا نضع أيدينا على الحدّ بين المهمّش وغير المهمّش : إنّه المعيار الأخلاقيّ.
هل ترى أنّ النّزعة الذّكوريّة معطى أساسيّ في شتّى أنواع الهامشيّات؟
بكلّ بساطة، المرأة من حيث هي امرأة، مهمّشة، مع تفاوت في الدّرجة. عندما يوجد رجل مهمّش، فإنّ زوجته غالبا ما تكون أكثر هامشيّة منه. ومرّة أخرى، من يعرّف المعيار والحدّ، أي من يميّز بين المهمّش وغير المهمّش : المجتمع أو الخبير، أو العالم أو المثقّف، أو الذي يملك السّلطة أو سلطة المعرفة. نتحدّث عن حدّ، وعن فضاء محدّد وعتبات، ونسب بطالة، ونسبة إدمان… وهذا هو عمل الخبير. إذن بصفة لاإرادية بالتّأكيد، الخبير هو الذي يقوم بتقسيم المجموعات إلى هامشية وغير هامشيّة. من حيث ممارسة السّلطة فإنّ تعريفنا للعتبة، يتمّ لأسباب سياسيّة مفروضة. مثال ذلك : عدم احتساب النّساء في نسب البطالة، فإن هذا يحدّ من نسبة العاطلين. الخبير هو الذي يصنع الموضوع والسّياسيّ يستعمل منهجه العلميّ على طريقته. عدم احتساب النّساء في البطالة يظهر نتائج جيّدة. فالهامشيّة دائما نسبيّة، لأنّها ترتبط بمن يعرّفها. وتبعا لذلك فإنّ ما يخضع إلى القياس هو نفسه غير دقيق. لأنّ كلّ واحد سيختار مؤشّرات معيّنة للحديث عن الظّواهر. بعد ذلك إذا أردنا التّعمّق في مفهوم الهامشية نجد من نعتبرهم مهمّشين لأنّ الخبراء اعتبروهم كذلك، أو لأنّ المجتمعات اعتبرتهم كذلك، طبقا لتعريف المعيار والقاعدة.
ما مدى وجاهة التّمييز بين الهامشيّات الإراديّة وغير الإراديّة؟
قد أعرّف نفسي باعتباري مهمّشا عندما أقول لك إنّني فقير. إنّ تعريفي الخاصّ للفقر هو الذي أضعه عتبة للفقر. ولكن يمكن أن أقول لك إنّني مهمّش في مجموعتي أو مجتمعي لأنّي كافر أو لأنني مثليّ. في حالة الفقر، أقدم نفسي مهمّشا لطلب شيء، أو عمل، أو مساعدة. في الحالة الثّانية، أقدّم نفسي مهمّشا لأتبنّى اختيارا شخصيّا. تبنّي الهامشيّة كخيار شخصيّ يجعلني أضع نفسي خارج المجتمع من تلقاء نفسي. خرجت على القاعدة، أو المعيار. أرفض معياركم. أرفض ممارساتكم الجنسيّة التّقليديّة، أرفض ممارستكم في اللّباس، لست مثلكم وأتحمّل مسؤوليّتي. لا أختار أن أكون مهمّشا لكنّني أختار طريقة حياتي، وأعي بانّ هذه الخيارات تضعني في وضعيّة مهمّش، وأتحمّل تبعات هذا.
هذه الهامشيّة بالذّات يمكن أن تكون منتجة، بل هي فعلا منتجة. هي التي تجعل المعايير تتحرّك وتتغيّر. وعندي مثال دقيق : امرأة تونسيّة يفترض أنّها مسلمة، تتزوّج غير مسلم. منذ خمسين عاما، مثل هذه الفتاة كانت تتعرّض إلى إقصاء حقيقيّ تتفاوت درجاته بحسب الطّبقات. اليوم هذا الأمر ليس مقبولا، لكنّ التّهميش أصبح أقلّ خطورة. الحديث عن المواضيع الممنوعة بصفة عامّة يمكن أن يطوّر المعايير. أنا أقبل اليوم من أبنائي ما لم يكن والداي يقبلانه منّي، لأننّي وضعت نفسي في وضعيّة هامشيّة بالنّسبة إلى معايير والديّ. وهذا يبيّن ديناميكيّة الهامشيّة.
المهمّ في هذا النّقاش هو التّهميش أو التّهمش وليس الهامشيّة نفسها، أي المسارات المفروضة أو الإراديّة. وموقفنا يجب أن يبنى على هذا الأساس. كفرد أو كمواطن أو فاعل أتصرّف مع من يتبنّون هامشيتهم، أو يهمّشون عن اختيار، عندما أبتدئ بقبول اختيارهم، فلا أحكم عليه، ولا أدينه.
لكنّ كلّ شخص منّا يمكن أن يختار الهامشيّة في نقطة، فيرفض القاعدة والمعيار، ويقبل الوصم، لأنّ الأمر يتعلّق باختيار. وكلّ واحد منّا لا بدّ أن يختار الهامشيّة على الأقلّ في لحظة من لحظات حياته، وفي نقطة معيّنة. من لم يشعل سيجارة في شهر رمضان في الشّارع أو لم يفكّر في ذلك، مثلا؟
دور الباحث انطلاقا من العلوم الاجتماعيّة، حسب رأيي، يجب أن يقتصر على معرفة المعايير وفهم مسارات التّهميش، وليس إنتاج المعايير. ولا يتعلّق الأمر أيضا بإنتاج التهميش.
هل يتعارض الموقف الحياديّ للباحث مع مفهوم "المعرفة الملتزمة" عند بورديو؟
التزامي بصفتي جغرافيّا يجب أن لا يتمثّل في الشّفقة على هذه المجموعة أو الأخرى، بل يجب أن يتمثّل في تكسير مسارات التّهميش، ولا يمكن أن أكسرها إذا لم أكتشفها. لا بدّ من الفهم. الفقر يتمّ إنتاجه، ككلّ المنتوجات، وما يهمّني ليس الفقر في حدّ ذاته، بل كيفيّات إنتاجه. وهنا تظهر الحاجة إلى فهم آلية التهميش، وهي تلتقي بالمعرفة الملتزمة. الخبراء يميلون إلى تصنيف المجتمع إلى مجموعات منها المهمّشون، لأنّ ما يهمّهم هو مردوديّة التّعريف. يريدون مثلا أن يعرفوا المومسات وعددهنّ حتّى توزّع عليهم السّلطات أو الجمعيّات وسائل الحماية الصّحّية. وتعريفات الخبراء للفقر قد تكون شكلانيّة أو غير دقيقة. فإذا كان الفقير هو من يقلّ دخله عن دولارين في اليوم، فإنّ هذين الدّولارين ليست لهما نفس القيمة بين إريتريا و واشنطن.
كيف تعرّف الخبير، وكيف تميّز بينه وبين الباحث؟
الخبير ينتج تعريفات وعتبات بهدف التّدخّل العاجل، سواء كان هذا التّدخّل سلبيّا أم إيجابيّا. أمّا هدف العلوم الاجتماعية فهو ليس التّدخّل المباشر، بل التّدخّل عبر الدّيمومة، مع محاولة فهم المسارات التي أوصلت إلى النّتائج. في غالب الأحيان هناك تكامل بين الخبير والباحث. الخبير لا بدّ أن يتّخذ قرارا لتعريف عتبة الفقر وإلا فإنه لن يستطيع العمل. لكنّ هذا القرار لا يدخل في باب العلوم الاجتماعيّة، أو في باب المعرفة الملتزمة.
كيف يتمّ إقصاء المهمّشين، وهل يمكن تصنيفهم على أساس طرق الإقصاء؟
هناك هامشّيات مدمّرة مرتبطة بشكل من أشكال الإقصاء، وهناك هامشيّات يمكن أن تكون منتجة في اتّجاه تغيير المعايير.
الفقر من أكثر الهامشيّات خطورة. إنّه يتمثّل في منع شريحة من المجتمع من الوصول إلى الموارد أو إلى موارد حياتيّة معيّنة. وهذا التّهميش متعمّد.
أوّل صيغة من صيغ الإقصاء هو الوصمة. إنّها تنبع من حكم القيمة المسلّط على المهمّشين : لا آكل مع فلان لأنّه فقير، ابنتي لا تتزوّج فلان لأنّه أسود، أو لأنّه يهوديّ، ابني لا يتزوّج من مومس… نحن إذن إزاء حكم يؤدّي إلى إقصاء أفراد لأنهم جزء من مجموعات معيّنة، ولأنّ هذه الفئات تعتبر قاصرة عن الرّقيّ إلى مستوى المسلّط للحكم المعياريّ وللوصمة. وهناك طبعا اختزال للفرد في الجماعيّ. فمجموعة السّود تمثّل حسب هذا التّصوّر كتلة واحدة. يمكن أن يكون أوباما رئيسا، لكنّه أسود. وهنا يمكن أن نتحدّث عن عنصريّة، أو طبقية.
الممارسة الثّانية المتعلّقة بالإقصاء هي مسارات التّهميش. ومن المهمّ بالنّسبة إلى الفاعلين معرفة كيفيّة اشتغال مسارات التهميش : كيف نصبح فقراء، أو مدمنين، أو بلا مسكن قارّ، أو عاملين جنسيين، أو امرأة عزباء بلا سكن قارّ، وكيف يمكن أن ندخل السّجن..؟
هل يمكن أن تقدّم لنا بسطة عن الأبحاث المنجزة في موضوع التّهميش في العالم العربيّ : هل هي نظريّة أم ميدانيّة؟ ما مجالاتها؟ هل ترتبط بالأبحاث الاجتماعيّة النّظريّة أم بالتّنمية؟
الهامشية الاجتماعيّة والاقتصاديّة هي التي تلقى اهتماما في العالم العربيّ، لعدّة أسباب. أقصد بذلك الأعمال التي تتناول الفقر خاصّة. (العمل، البطالة، والوصول إلى الموارد بشكل عامّ). نحن نحتاج طبعا إلى هذه الدّراسات، لكن المشكل الأول هو أنّ أغلب هذه الدّراسات يكتفي بوصف وضعيّة هذه الفئات أو تلك. ولا يهتمّ بالمسارات المتسبّبة في التّهميش. وهذه الأبحاث تلتبس بتقارير أو دراسات الخبراء إلى حدّ أننا لا نعرف أحيانا من هو الخبير ومن هو الباحث، وهذا مرتبط بتمويل الأبحاث. نحن في بلدان لا تهتمّ بالبحث الاجتماعيّ، فمثل هذه الأبحاث تخيف الأنظمة. عندما نفهم كيف يتمّ إنتاج مسارات الفقر أو التهميش فنحن نفكّك الخطاب الرّسميّ ونكذّبه، وهذا محرّم. لا يحقّ لنا معرفة مسارات التهميش في مجتمعاتنا. لأنه يوجد دائما مسؤول في مسارات التّهميش وهذا المسؤول يجب أن لا يحدّد.
هناك هيئات دوليّة هي التي تموّل الأبحاث الاجتماعيّة في الغالب. هذه الهيئات هي التي توفّر، مشكورة، تمويلا لأبحاث حقيقية، لكنّ محاولاتها تبقى محدودة. لا يمكن أن نموّل أبحاثا مستقلة بتمويل خارجيّ فقط، ولا أقول هذا لأنني أرفض هذا التّمويل الأجنبي في حدّ ذاته، بل لأنّ الأبحاث الاجتماعيّة يجب أن تكون أولويّة داخليّة في كلّ دولة.
المشكل الثّاني يعود إلى المحرّمات. فهناك دراسات لا يمكن القيام بها ولا يمكن نشرها في البلدان العربيّة. سرعان ما يتّهمونك بتشويه صورة البلد أو إدخال أفكار مدمّرة أو نشر أفكار تمسّ بالثّوابت وبالمعلوم من الدّين بالضّرورة. أحسن مثال في هذا الموضوع الأبحاث التي تريد دراسة وضع السّود في بعض البلدان العربيّة .
بين محرّم الدّولة أو قلّة الإمكانيات يبقى البحث الاجتماعيّ مهمّشا. أو يقوم به باحثون أجانب، وهذا جيّد، لحسن الحظ. هؤلاء لهم إمكانيات وليست لهم محرّمات. لكن هذه الأبحاث غير منشورة بالعربية عادة. فالمنظمات الدولية تشترط في الغالب استعمال لغة غير العربية للنشر. ونشر كتاب في مثل هذه المواضيع أيسر في أي دولة أوروبية منه في أي دولة عربية.
والبحث الذي تشرف عليه، هل يمكن لك تقديمه؟
فكرة هذا البحث بدأناه بندوة أقيمت في مصر في سبتمبر 2009. هذا البحث يحاول قلب الأولويّات : ما نريده هو فهم كيفيّة اشتغال مسارات التهميش في مصر وفي بلدان أخرى عربية وغير عربية. وسيتناول البحث كلّ أنواع الهامشيّة، مع تركيز على الهامشيات الاجتماعية والاقتصادية، وكأننا هنا لا نخرج على القاعدة. والهدف الأساسيّ هو أن نفهم التّهميش لا الهامشيّة. الباحثون عرب وغير عرب، وسيظهر كتاب جماعي يشمل هذه الأبحاث بالعربية والإنكليزية في أواخر سنة 2010 أو بداية 2011.
هل هناك فارق بين الهامشيّات في العالم الغربيّ والهامشيّات في المجتمعات العربيّة؟
ظواهر الإقصاء ورفض الحقوق الفرديّة والاقتصاديّة والسيّاسيّة أكثر فداحة في بلداننا. البلدان الغربيّة مثلا تعترف بالأقلّيات الدّينيّة، وفي بلداننا هناك تهميش لها بل وعدم اعتراف بوجودها أصلا، كما هو الحال بالنّسبة إلى البهائيين في دول من بينها مصر. الحرّيات المعترف بها تفضي إلى تغيير المعايير. فلا يمكن أن نقول إنّ المرأة في فرنسا لا يحقّ لها إقامة علاقات جنسيّة قبل الزّواج، لأنّ العودة إلى الوراء غير ممكنة. هناك مهمشات فعلن هذا سابقا، ثمّ أنتجت هذه الهامشيّة معيارا جديدا. بل إنّ الآية انقلبت في أوروبّا، وأصبحت الفتاة التي تقول إنّها ممتنعة عن العلاقات الجنسية عرضة للسّخرية.
والفارق يعود أيضا إلى اختلاف المعايير نفسها. فالحرّيّات الجنسيّة والدّينيّة منظور إليها إيجابيّا في الدّول الغربيّة، والعنصريّة التي توجد اليوم في هذه الدّول مختلفة إلى حدّ ما عن عنصريّة "لا أزوّج ابنتي أسود". العنصريّة الفاعلة اليوم في هذه الدّول هي التي قد تمنع من الوصول إلى المصادر، والدّليل على ذلك أبناء الهجرة في الضّواحي الأوروبّيّة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire